فإذا كان للعقيدة هذه المنزلة العظيمة يكون لمؤسسها ومغذيها والدعاة إليها منزلة لا تقل عنها، إذ لولا هم لما قام للعقيدة عمود، ولا اخضر لها عود، ولأجل ذلك كان الأنبياء والأولياء، بل جميع الدعاة إلى الأمور المعنوية والروحية محترمين لدى جميع الأجيال، من غير فرق بين نبي وآخر، ومصلح وآخر، فالإنسان يجد من صميم ذاته خضوعا تجاههم، وإقبالا عليهم.
ولهذا لم يكن عجيبا أن تحترم، بل تعشق النفوس الطيبة، طبقة الأنبياء والرسل، منذ أن شرع الله الشرائع وبعث الرسل، فترى أصحابها يقدمونهم على أنفسهم بقدر ما أوتوا من المعرفة والكمال.
حب النبي في الكتاب:
ولوجود هذه الأرضية في النفس الإنسانية والفطرة البشرية، تضافرت الآيات والأحاديث على لزوم حب النبي وكل ما يرتبط به، وليست الآيات إلا إرشادا إلى ما توحي إليه فطرته، قال سبحانه: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} (1).
وقال سبحانه: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} (2).
ويقول سبحانه: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} (3).