الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون} (1)، فالآية صريحة في تأثير الماء على الزرع، وأنه سبحانه أعطى له تلك المقدرة وكل من الأسباب جنود له سبحانه، قال: {وما يعلم جنود ربك إلا هو} (2) فإذا كانت الملائكة جنودا لله تبارك وتعالى كما يقول سبحانه: {فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها} (3) فالأسباب العادية التي تعتمد عليها الحياة الجسمانية للإنسان، جنوده سبحانه في عالم المادة ومظاهر إرادته ومشيئته.
وهذا ليس بمعنى تفويض النظام لهذه الظواهر المادية، والقول بتأصلها في التأثير واستقلالها في العمل، بل الكل متدل بوجوده سبحانه، قائم به، تابع لمشيئته وإرادته وأمره.
هذا هو الذي نفهمه من الكون ويفهمه كل من أمعن النظر فيه، فكما أن الحياة الجسمانية قائمة على أساس الأسباب والوسائل، فهكذا نزول فيضه المعنوي سبحانه إلى العباد تابع لنظام خاص كشف عنه الوحي، فهدايته سبحانه تصل إلى الإنسان عن طريق ملائكته وأنبيائه ورسله وكتبه، فالله سبحانه هو الهادي، والقرآن أيضا هاد، والنبي الأكرم أيضا هاد ولكن في ظل إرادة الله سبحانه، قال سبحانه: {والله يقول الحق وهو يهدي السبيل} (4) وقال سبحانه: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} (5) وقال سبحانه في حق نبيه: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (6).