لله، ولكن شدة الانتساب لا تسلب المسؤولية عن العبد.
وعلى ذلك فإذا كانت الشفاعة عبارة عن سريان الفيض الإلهي (أعني: طهارة العباد عن الذنوب وتخلصهم عن شوائب المعاصي) على عباده، فهي فعل مختص بالله سبحانه لا يقدر عليه أحد إلا بقدرته وإذنه. وبذلك تصح نسبته إلى الله سبحانه بالأصالة وإلى غيره بالتبيعة، ولا منافاة بين النسبتين، كالملكية، فالله سبحانه مالك الملك والملكوت، ملك السماوات والأرض بإيجاده وإبداعه، ثم يملكه العبد منه بإذنه ولا منافاة في ذلك، لأن الملكية الثانية على طول الملكية الأولى.
ونظيرها كتابة أعمال العباد، فالكاتب هو الله سبحانه، حيث يقول: {والله يكتب ما يبيتون} (1) وفي الوقت نفسه ينسبها إلى رسله وملائكته، ويقول: {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} (2). فإذا كانت الملائكة والأنبياء والأولياء مأذونين في الشفاعة، فلا مانع من أن تنسب إليهم الشفاعة، كما تنسب إلى الله سبحانه، غير أن أحدهما يملك هذا الحق بالأصالة والآخر يملكها بالتبعية.
الصنف السابع: يسمي من تقبل شفاعته ويتضمن هذا الصنف أسماء وخصوصيات من تقبل شفاعته يوم القيامة. وهذه الآيات هي:
أ - {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون} (3).