وكذلك فالمداومة على فعل لم يداوم عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) قد تؤدي إلى اعتقاد النافلة سنة، وهذا فساد عظيم، لأن اعتقاد ما ليس بسنة سنة، والعمل به على حد العمل بالسنة نحو من تبديل الشريعة، وعلى ذلك كان قطع عمر للشجرة التي يتبرك بها الصحابة، ونهيه الصحابي عن الإحرام من بلده، ونحو ذلك، ونهيه عن إتيان المساجد التي صلى فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولذلك كان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي (صلى الله عليه وآله) ما عدا قباء وحده، وأيضا كان مالك يكره المجئ إلى بيت المقدس خيفة أن يتخذ ذلك سنة، وكان يكره مجئ قبور الشهداء، ويكره مجئ قباء خوفا من ذلك (1).
يلاحظ على هذا التقسيم: إنه لا طائل فيه، ويعلم ذلك ببيان أمرين:
1 - شمول الدليل لجميع الحالات والكيفيات إن مورد النقاش في ما إذا كان لدليل العمل العبادي إطلاق يعم جميع الصور والكيفيات، بأن كانت جميع الحالات والصور المتصورة له أمرا مسوغا يشمله الدليل بإطلاقه أو عمومه وسعة دلالته، مثلا إذا دل الدليل على استحباب قراءة القرآن مطلقا من غير تقييد بحالة خاصة فيعم جميع الحالات سواء أكانت بهيئة الانفراد أم بهيئة الاجتماع.
أو دل على استحباب قراءة الدعاء مطلقا من يقين خاص فعم جميع الكيفيات.
وبعبارة أخرى: دل الدليل بإطلاقه بتسويغ جميع الأقسام من غير تخصيص بتلاوة القرآن بصورة الانفراد أو بهيئة الاجتماع ومثله دليل الدعاء.
ومثل ذلك إقامة الصلاة في المساجد، فالدليل يشمل جميع المساجد سواء