4 - أقصى غاية الخضوع.
وليس على أديم الأرض من لا يتذلل أو لا يخشع ولا يخضع لغير الله سبحانه وإليك بيان ذلك:
* * * ليست العبادة نفس الخضوع أو نهايته إن الخضوع والتذلل حتى إظهار نهاية التذلل لا يساوي العبادة ولا يعد حدا منطقيا لها، بشهادة أن خضوع الولد أمام والده، والتلميذ أمام أستاذه، والجندي أمام قائده، ليس عبادة لهم وإن بالغوا في الخضوع والتذلل حتى ولو قبل الولد قدم الوالدين، فلا يعد عمله عبادة، لأن الله سبحانه يقول: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} (1).
وأوضح دليل على أن الخضوع المطلق وإن بلغ النهاية لا يعد عبادة هو أنه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم وقال: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} (2) وآدم كان مسجودا له ككونه سبحانه مسجودا له، مع أن الأول لم يكن عبادة وإلا لم يأمر بها سبحانه، إذ كيف يأمر بعبادة غيره وفي الوقت نفسه ينهى عنها بتاتا في جميع الشرائع من لدن آدم (عليه السلام) إلى الخاتم (صلى الله عليه وآله)، ولكن الثاني - أي الخضوع لله - عبادة.
والله سبحانه يصرح في أكثر من آية بأن الدعوة إلى عبادة الله سبحانه، والنهي عن عبادة غيره، كانت أصلا مشتركا بين جميع الأنبياء، قال سبحانه: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} (3) وقال سبحانه: {وما