بأن يدفنا تحت البناء جنب النبي الأكرم تبركا بالقبر وصاحبه، فلو كان البناء على القبور أمرا محرما ومن مظاهر الشرك، فلماذا وارت الصحابة جثمانه الطاهر (صلى الله عليه وآله) تحت البناء؟ ولماذا أوصى الخليفتان بالدفن تحته؟
ولما واجهت الوهابية عمل الصحابة في مواراة النبي قامت بالتفريق وقالت:
إن الحرام هو البناء على القبر لا الدفن تحت البناء، وقد دفنوا النبي تحت البناء ولم يبنوا على قبره شيئا (1).
ونترك هذا الجواب بلا تعليق، إذ هو في غاية السقوط، إذ أي فرق بين الأمرين؟ فإن البناء على القبر مدعاة للإقبال إليه والتضرع إليه، ففيه فتح لباب الشرك وتوسل إليه بأقرب وسيلة... (2).
فإذا كان البناء على وجه الإطلاق ذريعة للشرك وتوجها إلى المخلوق، فلماذا نرخص في بعض صوره ونحرم بعضها الآخر؟ وما هذا إلا لأن الوهابية وإن كانوا ينسبون أنفسهم إلى السلفية، إلا أن السلفية بعيدون عنهم بعد المشرقين.
إلى هنا تمت دراسة حديث أبي الهياج، ولندرس حديث جابر الذي هو المستمسك الآخر لمدمري آثار الرسالة.
الثانية: حديث جابر إن الوهابيين يستدلون بحديث جابر على حرمة البناء على القبور، وقد ورد بنصوص مختلفة، ونحن نذكر نصا واحدا منها:
روى مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن