وأما إذا بقي ما به واقعيتكم وحقيقتكم وهي النفس الإنسانية والروح التي بها قوام الجسد، فلا يكون لهذا الاستبعاد مبرر، إذ تكون الإعادة حينئذ أمرا سهلا وممكنا لوجود ما به قوام الإنسان.
قال العلامة الطباطبائي في تفسير هذه الآية:
" إنه تعالى أمر رسوله أن يجيب عن حجتهم المبنية على الاستبعاد، بأن حقيقة الموت ليس بطلانا لكم، وضلالا منكم في الأرض، بل ملك الموت الموكل بكم يأخذكم تامين كاملين من أجسادكم أي ينزع أرواحكم من أبدانكم، بمعنى قطع علاقتها من الأبدان، وأرواحكم تمام حقيقتكم، فأنتم أي ما يعني بلفظة " كم ":
محفوظون لا يضل منكم شئ في الأرض، وإنما تضل الأبدان، وتتغير من حال إلى حال، وقد كانت في معرض التغير من أول كينونتها، ثم إنكم محفوظون حتى ترجعوا إلى ربكم بالبعث ورجوع الأرواح إلى أجسادها.
وبهذا تندفع حجتهم على نفي المعاد بضلالهم سواء أقررت على نحو الاستبعاد أم قررت على أن تلاشي البدن يبطل شخصية الإنسان فينعدم، ولا معنى لإعادة المعدوم، فإن حقيقة الإنسان هي نفسه التي يحكي عنها يقول " أنا " وهي غير البدن، والبدن تابع لها في شخصيته، وهي تتلاشى بالموت ولا تنعدم، بل محفوظة في قدرة الله حتى يؤذن في رجوعها إلى ربها للحساب والجزاء فيبعث على الشريطة التي ذكر الله سبحانه " (1).
الآية الثانية:
قال سبحانه: {يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي} (2).