وعلى أي حال فقد تحقق الإجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه قبل أن يولد باذر هذه الشكوك، فلماذا لم يكن هذا الإجماع حجة؟ مع أن اتفاق الأمة بنفسه أحد الأدلة، وكانت السيرة على تبجيل مولد النبي إلى أن جاء ابن تيمية، وعبد العزيز ابن عبد السلام (1)، والشاطبي فناقشوا فيه ووصفوه بالبدعة، مع أن الإجماع انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون، أوليس انعقاد الإجماع في عصر من العصور حجة بنفسه؟
أوهام وتشكيكات إن للقائلين بالمنع تشكيكات وشبها كلها سراب، نذكرها بنصوصها:
أ - الاحتفال نوع من العبادة قال محمد حامد الفقي: " والمواليد والذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم " (2).
يلاحظ عليه: أن العنصر المقوم لصدق العبادة على العمل هو الاعتقاد بألوهية المعظم له أو ربوبيته، أو كونه مالكا لمصير المعظم المحتفل، وأن بيده عاجله وآجله، ومنافعه ومضاره، ولا أقل بيده مفاتيح المغفرة والشفاعة.
وأما إذا خلا التعظيم عن هذه العناصر، واحتفل بذكرى رجل ضحى بنفسه ونفيسه في طريق هداية المحتفلين، فلا يعد ذلك عبادة له، وإن أقيمت له عشرات الاحتفالات، وألقيت فيها القصائد والخطب.