أبو وائل: استعملني ابن زياد على بيت المال بالكوفة.
هذا كله حول سند الرواية وهؤلاء رواتها، ولو ورد فيهم مدح فقد ورد فيهم الذم، وعند التعارض يقدم الجارح على المادح فيسقط الحديث عن الاستدلال.
ويكفي أيضا في ضعف الحديث أنه ليس لراويه - أعني أبا الهياج - في الصحاح حديث غير هذا، فكيف يستدل بحديث يشتمل على المدلسين والمضعفين؟ وكيف يعدل بهذا الحديث عن السيرة المستمرة بين المسلمين؟!
والآن إليك بيان عدم دلالة الحديث على الموضوع بتاتا:
ضعف دلالة الحديث إن توضيح ضعف دلالة الحديث يتوقف على بيان معنى اللفظين الواردين فيه:
1 - قبرا مشرفا.
2 - إلا سويته.
أما الأول: فقال صاحب القاموس: والشرف - محركة - العلو، ومن البعير سنامه، وعلى ذلك يحتمل المراد منه مطلق العلو، أو العلو الخاص كسنام البعير الذي يعبر عنه بالمسنم، ولا يتعين أحد المعنيين إلا بالقرينة.
أما الثاني: فهو تارة يستخدم في بيان مساواة شئ بشئ في الطول أو العرض، فيقال: هذا القماش يساوي بهذا الآخر في الطول.
وأخرى في التسوية، أي كون الشئ مسطحا لا انحناء ولا تعرج فيه.
والفرق بين المعنيين واضح، فإن التسوية في الأول وصف للشئ بمقايسته مع شئ آخر، وفي الثاني وصف لنفس الشئ ولا علاقة له بشئ آخر.
فلو استعمل في المعنى الأول لتعدى إلى مفعولين: أحدهما بلا واسطة، والآخر بمعونة حرف الجر، قال تعالى حاكيا عن لسان المشركين وأنهم يخاطبون آلهتهم