الأول: حياة الأنبياء والأولياء بعد انتقالهم إلى البرزخ:
هذا الموضوع هو المهم بين المواضيع التي ذكرت، ويمكن الاستدلال عليه من خلال أمور بعضها يدل على حياتهم بصورة مباشرة وأخرى غير مباشرة، وإذا لاحظنا مجموع الأدلة نقطع بحياتهم البرزخية بلا ريب، وإليك هذه الأمور:
أ - دلت الآيات الشريفة على حياة الشهداء، حياة حقيقية مقترنة بآثارها من الرزق والفرح والاستبشار ودرك المعاني والحقائق، قال سبحانه: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} (1).
فالآية تدل على حياة الشهداء وارتزاقهم عند ربهم مقترنة بالآثار الروحية من الفرح والاستبشار بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، وتبشيرهم على أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، إلى غير ذلك مما جاء في الآيتين.
إن الله سبحانه يطرح حياتهم لأجل إظهار إكرامه ونعمته عليهم، وبذلك يرد الفكرة السائدة في صدر الرسالة من أن موت الشهيد انتهاء حياته. وإذا كان الشهداء أحياء لأجل استشهادهم في سبيل دين الله الذي جاء به النبي الأكرم، فهل يتصور أن يكون الشهداء أحياء، ولا يكون النبي - الأفضل - القائد حيا، وهذا ما لا تقبله الفطرة السليمة، وأي مسلم لهج بخلافه فإنما يلهج بلسانه وينكره بقلبه وعقله.