الشخصية الإنسانية المعبر عنها بال " أنا ":
لم يزل كل واحد منا ينسب جميع أفعاله إلى موجود نعبر عنه بال " أنا " ويقول:
" أنا فعلت " " أنا أكلت " و " أنا ضربت " وربما ينسبها إلى الضمائر المتصلة القائمة مكان " أنا " فيقول: " قرأت "، " كتبت "، " أردت " و " أجبت "، فإذن يقع السؤال حول تعيين الموضوع الذي تنسب إليه هذه الأفعال، فما هو إذن؟ هل هو هذا الجسم المادي، أو شئ آخر وراء ذلك؟ فلو كان الموضوع هو الجسم المادي منه، لا يكون دليلا على وجود جوهر آخر مجرد عن المادة وآثارها، ولو كان الموضوع أمرا غيره، يثبت به موضوع وراء المادة، مقترن بجسمه وحياته المادية.
ثم إننا ننسب أعضاءنا إلى شئ آخر وراء الجسم المادي هذا ونقول: " رأسي " و " قلبي " و " بطني " و " قدمي " فهذه أعضاء رئيسية للجسم المادي " الإنسان "، ومع ذلك فإننا ننسبها إلى شئ آخر وراء هذا الجسم المادي.
وربما نتجاوز إلى أكثر من هذا فننسب نفس الجسم بأكمله إلى شئ آخر، فنقول: " بدني "، فإذن ما هذا المضاف إليه في جميع هذه الانتسابات، من انتساب الأفعال والأعضاء والبدن بأكمله؟
وبما أن كل قضية تتركب من موضوع ومحمول، فبداهة العقل تحكم بأن لهذه المحمولات موضوعا وإن لم يكن مرئيا إلا أننا ندركه من خلال هذه المحمولات.
وبعبارة واضحة: أن الأفعال البشرية رغم صدورها من أعضاء مختلفة كالإبصار بالعين، والرفع باليد، والمشي بالرجل، والسمع بالأذن، فالإنسان ينسبها جميعا إلى مصدر واحد، فيقول:
" أنا شاهدت "، " أنا مشيت " و " أنا سمعت " كما ينسب كل عضو من جسمه