الأدلة والإلزامات.
أما الأدلة فقد كرر ما سبق منه، من أنه لو كان الحسن ذاتيا يلزم قيام العرض بالعرض، وقد سمعت جوابه وأنه اشتبه عليه المراد من الذاتي إنما المهم نقل رده على إلزامات العدلية.
فقال: أما عن المعارضة الأولى بمنع إجماع العقلاء على الحسن والقبح فيما ذكروه، فإن من العقلاء من لا يعتقد ذلك، كبعض الملاحدة، ونحن أيضا لا نوافق على قبح إيلام البهائم من غير جرم ولا غرض، وهو من صور النزاع وإن كان ذلك متفقا عليه بين العقلاء. فلا يلزم أن يكون العلم به ضروريا، وإلا لما خالف فيه أكثر العقلاء عادة، وإن كان ذلك معلوما ضرورة فلا يلزم من أن يكون ذاتيا، إلا أن يكون مجردا عن أمر خارج منه، وهو غير مسلم على ما يأتي. (1) يلاحظ عليه: أن منع إجماع العقلاء على الحسن والقبح مكابرة واضحة، وما نقل عن بعض الملاحدة فإنما يرجع إنكارهم إلى حسن الإيمان وقبح الكفر لا إلى حسن العدل، كما أن استشهاده بعقيدة الأشاعرة بأنهم لا يقبحون إيلام البهائم من غير جرم ولا غرض أشبه بالمصادرة على المطلوب.
واختلاف بعض الناس في بداهة الموضوع لا يضر ببداهة المسألة، فإن بين الناس من يكابر في أوضح الأمور وأبدهها، فلا تنفع موافقته كما لا تضر مخالفته.
ثم إنه أجاب عن المعارضة الثانية، بقوله: إنه لا يخلو إما أن يقال بالتفاوت بين الصدق والكذب ولو بوجه أو لا يقال به، والأول يلزمه إبطال الاستدلال والثاني يمنع معه إيثار أحد الأمرين دون الآخر. (2)