ولولا استقلال العقل بحسن العدل وقبح الظلم لما صح وصفه سبحانه بالعدل أو تنزيهه عن الظلم، ونظير ذلك وصفه بكونه حكيما لا يعبث، لأن الفعل العبث قبيح عقلا، ومن عزل العقل عن درك التحسين والتقبيح العقليين لما صح له إثبات هذين الوصفين، قال العلامة الحلي:
والأصل الذي يتفرع عليه مسائل العدل معرفة كونه تعالى حكيما لا يفعل القبيح، ولا يخل بالواجب، فإذا أثبتوه بنوا عليه مسائل العدل من حسن التكليف ووجوب اللطف وغيرهما من المسائل الآتية.
ولما كان هذا الأصل يتوقف على معرفة الحسن والقبح وأنهما عقليان ابتدأ المصنف بالبحث عن ذلك. (1) وقال المحقق اللاهيجي: العدل عبارة عن وصفه سبحانه بالفعل الحسن الجميل وتنزيهه عن الظلم القبيح، فإذا كان التوحيد عبارة عن كمال الواجب ذاتا وصفة فالعدل كماله في الفعل. (2) وعلى ذلك فالأفعال الجميلة آية كماله سبحانه في مقام الفعل، والأفعال القبيحة آية نقصه في ذلك المجال، فلو كان فعله موصوفا بالحسن ومنزها عن القبح، يوصف بالعدل ويمتنع وصفه بالظلم.
ولأجل هذه الأهمية ترى أنهم يقدمون مسألة التحسين والتقبيح العقليين على البحث عن سائر صفاته.