والجواب: أن في المقام أمرين قبيحين:
1. تعريض النبي للهلاك، وهو قبيح.
2. الكذب والإغراء بالجهل، وهو أيضا قبيح.
ولكن يختار الثاني، لأنه أقل قبحا من الأول، لما فيه من نجاة النبي وإنقاذه، فالكذب في جميع الحالات قبيح، لكن عند التعارض مع ما هو أقبح، يأخذ الإنسان بأقل القبيحين بحكم العقل.
يقول الفاضل القوشجي: إن الكذب في الصورة الأولى باق على قبحه، إلا أن ترك إنقاذ النبي أقبح منه فيلزم ارتكاب أقل القبيحين تخلصا من ارتكاب الأقبح، على أنه لا ضرورة للكذب، إذ يمكن التخلص من الكذب بالتعريض (التورية) ولهذا قيل إن في التعاريض لمندوحة. (1) إجابة أخرى ويمكن الجواب عن الاستدلال بشكل آخر، وهو أن الأفعال على أقسام:
الأول: أن يكون الفعل علة تامة للحسن أو القبح، بحيث لا ينفكان عن الفعل في زمان من الأزمنة، وهذا كحسن العدل وقبح الظلم.
الثاني: ما يكون مقتضيا للحسن والقبح، أي أن يكون فيه أرضية صالحة لواحد منهما لا علة تامة، على وجه لو لم يكن هناك مانع عن التأثير لأثر المقتضي، وهذا كتكريم الصديق، فإنه بما هو هو، مقتض للحسن، ولكن ليس علة تامة له، كما إذا كان تكريمه سببا لإهانة الغير.