إذ كثير ما يصطدم النفع الشخصي بحقوق المجتمع، فكان لا بد من تقديم تنازلات وترجيح حقوق الآخرين على الانتفاع الشخصي من أجل تسوية النزاع.
إنما الكلام في وجه التقديم، فهناك مذهبان:
أ. مذهب المثاليين وهو أن العقل له قابلية إدراك الحسن والقبح ولذلك يأمره العقل بأن الكرامة في حفظ حقوق الآخرين وغض النظر عن النفع الشخصي، وهؤلاء يتناولون الأخلاق على أساس القيم العقلية.
ب. مذهب النفعيين وهو أن النفع الشخصي يكمن في احترام حقوق الآخرين، وأنه لولاه لعمت الفوضى المجتمع الإنساني ويحرم الفرد حينها من منافعه الشخصية.
ثم إن " راسل " يختار هذا المذهب ويعود ويمثل أن من وظيفة الجار أن يحفظ مال جاره ولا يسرقه، لأن النفع الشخصي يدور على هذا إذ لو سرقه لقوبل بمثله أيضا، وهكذا سائر الوظائف الاجتماعية فإن في رعايتها جلب المنفعة للإنسان.
ومجمل القول أن الانتفاع الشخصي هي أمنية كل إنسان ولا ينالها إلا في ظل احترام القوانين الكفيلة بتأمين حقوق المجتمع بأسره والتي فيها يكمن النفع الفردي.
إن " راسل " لما كان فيلسوفا ذا اتجاه مادي يرجح أن يكون أساس الحياة مبنيا على ترويض المجتمع على رعاية القوانين واحترامها والانصياع الكامل لها بغية نيل منافعهم الشخصية، وهو عنده أرجح مما عليه المثاليون من علماء الأخلاق من توعية الناس بقبائح الأعمال وحسنها وضرورة الإتيان بالحسن والانزجار عن القبيح، وما ذلك إلا لفقدان معيار الحسن والقبح - عنده - حتى