الخامس: الصبي المراهق إذا كان كامل العقل لطيف القريحة تثبت فيه الأحكام العقلية في حقه كغيره، ومع ذلك لم يكلفه الشارع بوجوب ولا تحريم لمصالح داعية إلى ترك تكليفه بهما من التوسعة عليه.
يلاحظ عليه: نمنع أولا عدم ثبوت جميع الأحكام الشرعية في حقه النابعة من الأحكام العقلية، كحرمة الظلم ووجوب رد الأمانة. وأما المرفوع فإنما هو سائرها.
وثانيا: إن عدم تكليفه بسائر الأحكام فلأجل أن الكلام فيما إذا كان الحسن علة تامة للتكليف ولم يكن مزاحما بشئ آخر، والمقام من هذا القبيل فإن حسن الفعل وإن كان يقتضي التكليف لكن تعليق التكليف على الصلاحيات الفردية يوجب الفوضى في عالم التكليف، ولأجل إيصاد هذا الباب ألغيت الصلاحيات الفردية واقتصر على تعيين السن في البنين والبنات، وعلى ضوء ذلك فلا محيص من عدم الاعتداد بالذكاء الشخصي وإن كان صالحا للتكليف، ولم يكن الحسن في المقام علة تامة للتكليف.
وصفوة البحث أن ما ذكره ذلك المحقق من النقوض على القاعدة لا يصلح للاحتجاج بها، لأنها على قسمين:
1. ما لا تمس بالقاعدة، حيث إن المدعى هو أن حسن الفعل يلازم تكليف الشرع وليس المدعى هو أن حسن التكليف مطلقا رهن حسن الفعل، فالملازمة بين حسن الفعل وحسن التكليف، لا بين حسن التكليف وحسن الفعل، فالموارد التي نقض بها كلها من هذا القبيل، ففيها حسن التكليف وليس فيها حسن الفعل، ولا يضرنا هذا الانفكاك، وإنما المدعى ملازمة حسن الفعل مع حسن التكليف لا العكس.