لكنه أخص من المختار.
وثانيا: إن الغرض في إرسال الرسل هو إرشاد الناس إلى ما يصلح للداعوية والزاجرية، وهو يحصل بمجئ النبي الصادق، فيما جاء به، وإن كان عاصيا في إعماله وأفعاله الشخصية، لأن المفروض هو العلم بنبوته وصدقه في دعوى النبوة مع إظهار المعجزة، فمع قيام المعجزة وثبوت عصمته في تلقي الوحي وإبلاغه بالدليل العقلي تسكن النفوس إليهم، كما تسكن النفوس نحو ما يرشد إليه الأطباء الحاذقون، وإن كانوا مرتكبين للمعاصي والفجور، ولا يقاس النبي بالواعظ الغير العامل المرتكب للمعاصي، لظهور الفرق بينهما، وهو وجود الشاهد على صدقه في الأنبياء دون الوعاظ والعلماء الغير العاملين، فالدليل المذكور لا يثبت عصمتهم في أفعالهم الشخصية، ولكن الانصاف أن الصلاحية المذكورة ذات مراتب مختلفة، والمرتبة العالية منها التي يمكن معها سوق عموم الناس إلى الإطاعة والانقياد، لا تحصل عادة بدون العصمة في أفعالهم الشخصية، هذا مضافا إلى أن الغرض من البعثة وإرسال الرسل لا ينحصر في الإرشاد، لما عرفت سابقا من أن الغرض أمور متعددة منها: التربية والتزكية ومن المعلوم أنها لا تحصل بدون كون الأنبياء والمرسلين أسوة في الفضيلة والطاعة كما لا يخفى.
فالأنبياء معصومون ولو في افعالهم الشخصية، سواء كانت قبل البعثة أو بعدها، وإلا فلا يحصل مقتضى الانقياد العام ولا التربية ولا التزكية للعموم.
ومنها ما في متن " تجريد الاعتقاد " من لزوم اجتماع الضدين لو لم يكن الأنبياء معصومين، حيث قال: " ويجب في النبي العصمة ولوجوب متابعته وضدها ".
قال الشارح العلامة - قدس سره - في توضيحه: " إن النبي - صلى الله عليه وآله - يجب متابعته، فإذا فعل معصية فإما أن يجب متابعته أو لا والثاني باطل، لانتفاء فائدة البعثة، والأول باطل، لأن المعصية لا يجوز فعلها. ثم قال: وأشار