فلا تعرض له، هذا مضافا إلى إمكان التفكيك بأن يقال: إن الوثوق بالصدق في أوامرهم ونواهيهم يحصل بسبب قيام الدليل العقلي على عصمتهم في تلك الأوامر والنواهي بعد قيام المعجزات والبينات الدالة على صدقهم في دعوى النبوة فلا يجوزون الكذب في أمرهم ونهيهم وأفعالهم التي أمروهم باتباعهم فيها، وإن جوزوا الكذب والمعصية على الأنبياء في غير أمرهم ونهيهم وأفعالهم، ولعل المقصود من قول المحقق الطوسي - قدس سره -: " ويجب في النبي العصمة، ليحصل الوثوق فيحصل الغرض " هو ما ذكره السيد المرتضى - قدس سره - كما سيأتي إن شاء الله، فافهم.
ومنها: أصلحية العصمة، وبيان ذلك: أن العصمة بمالها من المعنى الاصطلاحي المختار عند الإمامية أحسن وأصلح وأرجح وأدخل في تحقق الغرض، وحيث لا مانع منها مع إمكانها، يجب في حكمته تعالى تحققها، وإلا لقبح، لأنه ترجيح المرجوح من دون وجود مانع عن الراجح أو استحيل تركها، لأنه يرجع إلى ترجح المرجوح بدون وجود الداعي له كما لا يخفى.
قال المحقق اللاهيجي - قدس سره -: " لا شك في أن العصمة بمعناها التي هي مذهب الإمامية، أدخل في اللطف، وأدعى في اتباع الناس، وعدم تنفرهم، والمفروض أنها ممكنة، ولا مانع منها، فالحق مذهب الإمامية في كلا المقامين، أعني وجوب العصمة في تمام العمر، وفي جميع الأمور من الأفعال والآراء والأحكام والأقوال " (1).
لا يقال: إن ذلك فرع العلم بعدم وجود المانع، وهو غير حاصل، لأنا نقول: إن وجوه المفسدة منحصرة وليس شئ منها في مراعاة العصمة، فالعلم بعدم المانع حاصل، ومعه فلا إشكال في وجوب العصمة، لأنها أصلح (2).