ويستفاد من كلماتهم أمور:
1 - إن محل النزاع في الحسن والقبح العقليين بين العدلية والأشاعرة وغيرهم من أهل الخلاف هو حكم العقل باستحقاق فاعل العدل للمدح، وباستحقاق فاعل الظلم للذم، كما صرح به الخواجة نصير الدين الطوسي، والعلامة الحلي - قدس سرهما -، فالعدلية والمعتزلة أثبتوه، بخلاف الأشاعرة وأما حسن الملائم وقبح المنافر، أو حسن الكامل وقبح الناقص، من معاني الحسن والقبح، فلا خلاف فيه، بل كلهم اتفقوا على حكم العقل بهما، ومما ذكر يظهر ما في دلائل الصدق، من أن هذا التفصيل مما أحدثه المتأخرون من الأشاعرة تقليلا للشناعة (1)، لأن عبارة المحقق الطوسي والعلامة كافية لإثبات التفصيل المذكور.
2 - ذهب الإمامية والمعتزلة على ما في كشف الفوائد، إلى أن حكم العقل في ذلك بديهي في بعض الأفعال كحسن الصدق النافع، والإحسان والعدل، وقبح الكذب الضار والإساءة والظلم، ونظري في بعض آخر كقبح الصدق الضار، أو حسن الكذب النافع، كما أنه لا حكم له في قسم ثالث من الأفعال كالعباديات والمخترعات الشرعية، بل يحتاج في تشخيص حسنها أو قبحها إلى الشرع الكاشف عنهما، فدعوى الحسن والقبح العقليين بلا واسطة الشرع في بعض الأفعال لا جميعها.
3 - استدل الإمامية والمعتزلة بأمور: منها بداهة حكم العقل بهما، ومنها أنه لو لم يكونا عقليين لزم التوالي الفاسدة، من انتفاء الفرق بين النبي والمتنبي: ومن عدم قبح صدور شئ منه تعالى، ومن افحام الأنبياء، ومن عدمهما رأسا مع أن