مغصوبة يجب عليه الخروج عنها، وإن كان غصبا، لاشتماله على أقل الضررين - إلى أن حكى جواب الحكماء عن ذلك، وقال: - قال الحكماء: للنفس الناطقة قوة نظرية، وهي تعقل ما لا يكون من أفعالنا واختيارنا، وقوة عملية، وهي تعقل ما يكون من أفعالنا واختيارنا، والعقل النظري الذي يحكم بالبديهيات من كون الكل أعظم من الجزء، لا يحكم بحسن شئ من الأفعال ولا بقبحه، وإنما يحكم بذلك العقل العملي الذي يدبر مصالح نوع الإنسان وأشخاصه، ولذلك ربما يحكم بحسن فعل وقبحه بحسب مصلحتين، كما يقولون في الكذب المشتمل على المصحلة العامة. لا إذا خلا عنها، ويسمون ما يقضيه العقل العملي من الأحكام المذكورة، إذا لم يكن مذكورا في شريعة من الشرايع بأحكام الشرايع غير المكتوبة وهي الأحكام الثابتة في كل الشرايع، كالحكم بأن الانصاف والاحسان حسن، ويسمون ما ينطق به شريعة من الشرايع - وهي الأحكام المختصة بشريعة دون أخرى - بأحكام الشرايع المكتوبة " (1).
د: قال في التجريد: " وهما عقليان، للعلم بحسن الإحسان وقبح الظلم، من غير شرع، ولانتفائهما مطلقا لو ثبتا شرعا، ولجاز التعاكس، قال الشارح العلامة - قدس سره - في توضيحه: وتقرير الأول بأنهما لو ثبتا شرعا لم يثبتا لا شرعا ولا عقلا، والتالي باطل إجماعا، فالمقدم مثله.
بيان الشرطية: إنه لو لم نعلم حسن الأشياء وقبحها عقلا، لم نحكم بقبح الكذب، فجاز وقوعه من الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا، فإذا أخبرنا في شئ أنه قبيح لم نجزم بقبحه، وإذا أخبرنا في شئ أنه حسن لم نجزم بحسنه، لتجويز الكذب، وتقرير الثاني بأنه يجوز أن يكون أمم عظيمة يعتقدون حسن مدح من أساء إليهم، وذم من أحسن إليهم، كما حصل لنا اعتقاد عكس ذلك " (2).