العجلي الكوفي المعروف بابن أبي موسى، نا الحسين بن نصر بن مزاحم، حدثني أبي، حدثني عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي قال: سمعت ابن خزيم الناحي يقول: لما استقام لمعاوية أمره لم يكن شئ أحب إليه من لقاء أبي الطفيل عامر بن واثلة، فلم يزل يكاتبه وتلطف له حتى أتاه، فلما قدم عليه جعل يسائله من أمر الجاهلية ودخل عليه عمرو بن العاص وهو معه فقال لهم معاوية: أما تعرفون هذا هو فارس صفين وشاعرها، خليل أبي الحسن.
ثم قال: يا أبا الطفيل ما بلغ من حبك لعلي، قال: حب أم موسى لموسى، قال:
فما بلغ من بكائك عليه، قال: بكاء العجوز الثكلى والشيخ الرقوب، وإلى الله أشكو التقصير، قال معاوية: لكن أصحابي هؤلاء لو كانوا يسألون عني ما قالوا في ما قلت في صاحبك، قال: إذ والله لا يقول الباطل، قال لهم معاوية: لا والله ولا الحق يقولون.
ثم قال: هو الذي يقول:
إلى رجب السبعين يعترفونني * مع السيف فجلوا جم عديدها زحوف كركن الطود فيها معاشر * كغلب السباع نمرها وأسودها كهول وشبان وسادات معشر * على الخيل فرسان قليل صدودها كأن شعاع الشمس تحت لوائها * إذا طلعت أعشى العيون حديدها يمورون مور الريح أما ذهلتم * وزلت بأكفال الرجال لبودها شعارهم سيما النبي ورائه * بها انتقم الرحمن ممن يكيدها تخطفهم أباكم عند ذكركم * كخطف ضواري الطير طيرا تصيدها فقال معاوية لجلسائه: أعرفتموه؟ قالوا: نعم، فهذا أفحش شاعر وألأم جليس فقال معاوية: يا أبا الطفيل أتعرفهم؟ فقال: ما أعرفهم بخير ولا أبعدهم من شر.
قال: فقام خزيمة الأسدي فأجابه فقال:
إلى رجب أو غرة الشهرة بعده * نصيحكم حمر المنايا وسودها