فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة 711 في " مختصر تاريخ دمشق " (ج 17 ص 350 ط بيروت) قال:
وعن أبي سعيد الخدري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن، قال أبو سعيد: فكنت فيمن خرج معه، فلما احتفر إبل الصدقة سألناه أن نركب منه ونريح إبلنا، وكنا قد رأينا في إبلنا خللا فأبى علينا، وقال: إنما لكم منه سهم كما للمسلمين، قال: فلما فرغ علي وانصفق من اليمن رجعا، أمر علينا انسانا فأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إرجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم.
قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت، رأى أثر الراكب، فذم الذي أمره ولامه، فقال: أما إن لله علي إن قدمت المدينة لأذكرن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق.
قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أفعل ما كنت قد حلفت عليه، فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآني قعد معي ورحب بي، وسألني وسألته، وقال: متى قدمت؟ قلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل وقال: هذا سعد بن مالك، ابن الشهيد، قال: ائذن له، فدخلت فحييت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياني وسلم علي، وسألني عن نفسي وعن أهلي فأحفى في المسألة، فقلت: يا رسول الله، ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فانتبذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم علي فخذي، وكنت منه قريبا، وقال: سعد بن مالك ابن الشهيد، مه بعض قولك لأخيك علي، فوالله لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله.