فأمسكناها لها فأزالت بكارتها بأصبعها، فقال علي كرم الله وجهه: الله أكبر، والحمد لله الذي جعلني بعد دانيال أول من فرق بين الشهود لمعرفة الحقيقة، ثم قضى كرم الله وجهه عليهن بحد القذف، وقد ألزمهن جميعا دية البكارة التي يسميها الفقهاء بالعقر، على أن يكون عقر تلك الأمة أربعمائة درهم.
فهذه الأربعمائة درهم تعويض للجارية عن عقرها بإزالة بكارتها.
ولم يقف كرم الله وجهه عند هذا الحد في قضائه بل تجاوز ذلك إلى ما يليق به في شرف نفسه وتمام عدله وانتصافه للمظلوم من الظالم، فجعل يؤنب المرأة المتهمة تأنيبا عنيقا حمل زوجها على أن يعلن في المجلس طلاقها، فأشار الإمام إلى زوجها بأن يتزوج الجارية، وساق المهر لها من ماله كرم الله وجهه ورضي الله عنه وأرضاه.
ولم يشأ أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إلا أن يعلن إعجابه بقضاء الإمام مكررا كلمته التي كان شديد الحرص على تكرارها: لولا علي لهلك عمر.
وقال أيضا في ص 243:
ومن أقضيته كرم الله وجهه قضاؤه في المرأة التي أنكرت ولدها قائلة: إنه ليس ولدي. فذلك حيث يقول الثقة الذي روى هذه القصة: سمعت غلاما بالمدينة يقول: يا أحكم الحاكمين أحكم بيني وبين أمي.
فقال له أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: لماذا تشكو أمك يا غلام على هذه الصورة؟ قال الغلام: يا أمير المؤمنين إنها حملتني في بطنها تسعة أشهر ثم أرضعتني حولين كاملين: فلما كبرت وعرفت الخير من الشر طردتني وزعمت أنها لا تعرفني، فاستدعى المرأة أمير المؤمنين عمر ثم سألها عما يقول الغلام، فقالت:
يا أمير المؤمنين والذي أحتجب بالنور فلا عين تراه، إنني لا أعرف هذا الغلام ولا أدري من أي الناس هو، وهو يريد أن يفضحني في عشيرتي وأنا لا أزال بكرا لم