ومن فقهه كرم الله وجهه ما يروى عن سيعد بن المسيب، عن حذيفة بن اليمان، قال: لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه حذيفة رضي الله عنه فقال له عمر: كيف أصبحت يا حذيفة؟ فقال حذيفة: كيف تريدني أصبح؟ أصبحت أكره الحق، وأحب الفتنة، وأشهد بما لم أره، وأصلي على غير وضوء، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء، فغضب عمر غضبا شديدا حتى كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، ثم انصرف فمر بالإمام علي كرم الله وجهه فقال له: ما أغضبك يا أمير المؤمنين؟
فقال عمر: لقيت حذيفة بن اليمان فسألته كيف أصبح؟ فقال: أصبحت أكره الحق، فقال علي: صدق حذيفة، أصبح يكره الموت والموت حق، فقال عمر: وقال حذيفة: إنه يحب الفتنة، فقال الإمام: صدق، يحب المال والولد، والله تعالى يقول: (إنما أموالكم فتنة) فقال عمر: وقال حذيفة: أشهد بما لم أره، فقال الإمام: صدق، يشهد بالوحدانية والموت والبعث والقيامة والجنة والنار والصراط، وهو لم ير ذلك كله، وقال عمر: قال حذيفة: إنه يصلي على غير وضوء، فقال الإمام: صدق حذيقة، إنه يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: يا أبا الحسن إن حذيفة قال أكبر من ذلك، إن له في الأرض ما ليس لله في السماء، قال الإمام: صدق حذيفة، لأن له في الأرض زوجة وله ولد، وتعالى الله عن الزوجة والولد، فقال عمر: كاد يهلك ابن أم عمر، ولولا علي لهلك عمر.
وقال أيضا في ص 199:
ومن أقضيته التي يتلقاها أهل العلم بالقبول القائم على الإعجاب بعمله والإذعان لفضله، قضاؤه كرم الله وجهه الذي رواه القرطبي عن الشعبي حيث يقول: بلغ عمر ابن الخطاب أن امرأة من قريش تزوجها رجل من ثقيف في عدتها، فاستقدمها عمر مع زوجها وفرق بينهما قائلا له: لا تتزوجها أبدا، ثم جعل أمير المؤمنين عمر صداقها في بيت المال، وقد فشا ذلك في الناس، فلما بلغ الإمام كرم الله وجهه جعل