أتزوج، فسألها عمر: هل لك شهود على ما تقولين؟ فأجابت: نعم، هؤلاء إخوتي، فاستدعاهم عمر فشهدوا عنده بأن الغلام كذاب وأنه يريد أن يفضح أختهم في عشيرتها وأنها جارية لم تتزوج، فقال عمر: إنطلقوا بهذا الغلام إلى السجن حتى نسأل، فأخذوا الغلام إلى السجن، وفيما هم في الطريق إلى السجن تلقاهم الإمام كرم الله وجهه، فناداه الغلام: يا بن عم رسول الله، إني غلام مظلوم، ثم قص عليه ما كان قد قصه على عمر، فقال علي كرم الله وجهه: ردوه إلى أمير المؤمنين عمر.
فلما ردوه إليه قال لهم عمر: لقد أمرت به إلى السجن فلماذا رددتموه إلي؟
فأجابوه: لقد سمعناك تقول لا تعصوا لعلي أمرا، وقد أمرنا علي أن نرده إليك وألا نذهب به إلى السجن، ثم جاء علي كرم الله وجهه فقال: لأقضين اليوم بقضاء يرضي رب العالمين، ثم أخذ يسأل المرأة: ألك شهود؟ قالت: نعم، ثم تقدم الشهود فشهدوا بأن المرأة ليست أما للغلام وإنما هو يريد أن يفضحها في عشيرتها، فقال الإمام علي كرم الله وجهه: أشهد الله وأشهد من حضر من المسلمين أني قد زوجت هذا الغلام من هذه الجارية بأربعمائة درهم، أدفعها من مالي الخاص، ثم نادى قمبرا مولاه أن يحضر الدراهم فأتاه بها، فصبها في يد الغلام قائلا له: صب هذا المال في حجر امرأتك ولا أراك بعد ذلك إلا وبك أثر العرس.
فقام الغلام فصب الدراهم في حجر المرأة فقال لها: قومي معي إلى بيت الزوجية، فصاحت المرأة: النار النار يا بن عم رسول الله، أتريد أن تزوجني من ولدي؟ هذا والله ولدي، وقد زوجني أخي هجينا فولدت منه هذا الغلام، فلما كبر أمروني أن أنتفي منه وأطرده مع أنه ولدي، وفؤادي يحترق أسفا على ولدي، ثم أخذت بيد الغلام فانطلقت به، فنادى عمر بأعلى صوته: واعمراه! لولا علي لهلك عمر.
وقال أيضا في ص 245.