وصاح فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: هان عليكم ما دعوت الله تعالى، فإن السماء والأرض لا يهون عليهما ذلك ولا يطيقان سماعه.
ثم قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم في صيغة الأمر: قفوا بأماكنكم وانظروا إلى القمر، ورفع الجميع أبصارهم نحو السماء وحدثت المعجزة المذهلة، لقد انشق القمر إلى نصفين!
ولأن القمر كان ليلتئذ بدا في تمامه، فإن كل نصف منه كان يشع ضوءا قويا.
وعقدت الدهشة ألسنة أهل مكة وهم يحملقون في نصفي القمر.
ولم يصدق أبو لهب وأبو جهل وأبو سفيان أعينهم فصاروا يمسحونها في شدة ثم ينظرون ثانية إلى نصفي القمر وقد فغروا أفواههم كما لو كانوا أصيبوا بالبله.
وما كان أن رأى المسلمون ذلك حتى انهمرت دموع الفرح من أعينهم، والتفوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصيحون: الله أكبر، الله أكبر، سبحان الله القادر على كل شئ، سبحان الله جلت قدرته الذي نصر رسوله والمسلمين على القوم الكافرين.
أما اليهود الذين عاينوا هذا المشهد المعجز المثير، فإنهم من فرط غيظهم وخيبة أملهم لم ينبس أي واحد منهم ببنت شفة، وأحسوا بالهزيمة والخزي، فلم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم كما وعدوه بذلك، بل همسوا في آذان خلفائهم من المنافقين والمشركين: إن محمدا هذا ساحر بارع.
حدث كل هذا قبل أن يتم الجزء الثاني من هذه المعجزة الفذة.
وكان الجزء الثاني كما اشترط المشركون واليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقع نصف من البدر المنير على الصفا ويقع النصف الآخر على المشعرين.
ويبدو أنهم توقعوا حدوث ذلك، إذ أن من يقدر على شق القمر وهو في السماء إلى نصفين متساويين، يمكنه بداهة أن يسقط هذين النصفين على الصفا والمشعرين.