شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣١ - الصفحة ٣٢٦
أنه قال: إن أئمة الكفر في الإسلام خمسة: طلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاصوأبو موسى الأشعري. وروى مثل ذلك عن عبد الله بن مسعود.
وأيضا في رواية حبة العرني قال: سمعت عليا عليه السلام حين برز أهل الجمل وهو يقول: والله لقد علمت صاحبة الهودج أن أصحاب الجمل ملعونون على لسان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى.
وقال عليه السلام في كلام له: أيها الناس إنكم بايعتموني على ما كان بويع عليه من كان قبلي، إنما الخيار للناس قبل البيعة فإذا بايعوا فلا خيار لهم.
وقال عليه السلام في كلام آخر: فبايعتموني طائعين غير مكروهين ثم خالفتني منكم مخالفون ونكث ناكثون على غير حدث أحدثته.
وقال عليه السلام في كلامه الآخر أيضا: وقد سارت عائشة والزبير وطلحة وكل يدعي الأمر دون صاحبه، يطلبه طلحة لأنه ابن عم عائشة ولا يرى الزبير إلا إنه أحق بالخلافة لأنه ختن عائشة.
فوالله لئن ظفروا بما يريدون - ولا يرون ذلك أبدا - ليضربن طلحة عنق الزبير والزبير عنق طلحة تنازعا شديدا على الملك.
والله إن راكبة الجمل لا تصعد عقبة ولا تنزل منزلا إلا إلى معصية الله وسخطه حتى تورد نفسها ومن معها متالف الهلكةيقتل ثلثهم ويهزم ثلثهم ويتوب ثلثهم، والله لتنبحها كلاب الحوأب فهل يعتبر معتبر أو يتفكر متفكر.
والله إن طلحة والزبير ليعلمان إنهما مخطئان وما يجهلان ولرب عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه.
قال العلامة الشمس أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في " جواهر المطالب " ق ٧٤ نسخة المكتبة الرضوية بخراسان:
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن حصين، عن الأحنف ابن قيس، قال: قدمت المدينة ونحن نريد الحج فانطلقت فأتيت طلحة والزبير فقلت إني لا أرى هذا الرجل إلا مقتولا فما تأمرانني به وترضيانه لي؟ قالا: نأمرك بعلي بن أبي طالب. قلت: تأمرانني به وترضيانه لي؟ قالا: نعم، ثم انطلقت حتى قدمت مكة فبينا نحن بها إذ أتاها قتل عثمان وبها عائشة، فانطلقت إليها فقلت: من تأمريني أن أبايع؟ قالت: علي بن أبي طالب، قلت: تأمريني به وترضيه لي؟ قالت: نعم، قال:
فمررت على علي بن أبي طالب بالمدينة فبايعته ثم رجعت إلى البصرة وأنا لا أرى قد تم واستقام فما راعنا إلا قدوم طلحة والزبير وعائشة وقد نزلوا حساب الحرسة قال:
قلت: ما جاء بهم؟ قال: أرسلوا إليك يستنصرونك على دم عثمان إنه قتلمظلوما.
قال: فأتاني أفظع أمر فقلت: إن خذلان هؤلاء ومعهم أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم لشديد وإن قتال ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم قد أمروني بمبايعته لعظيم. قال: فلما لقيتهم قالوا: جئناك نستنصرك على دم عثمان فإنه قتلمظلوما، فقلت: يا أم المؤمنين أنشدك الله أقلت لك من تأمريني أبايعه فقلت:
علي، فقلت: وترضينه لي؟ فقالت: نعم، ولكنه بدل فقلت: يا حواري رسول الله ويا طلحة ناشدتكما الله أقلت لكما من تأمرانني به وترضيانه لي، فقلتما لي: علي، قالا:
نعم، ولكنه بدل، فقلت: والله لا أقاتلكم ومعكم عائشة ولا أقاتل عليا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن اختاروا مني إحدى ثلاث خصال إما أن تفتحوا لي باب الجسر فألحق بأرض الأعاجم حتى يقضي الله من أمره بما يقضي وإما أن الحق بمكة فأكون فيها أو أتحول فأكون قريبا، قالوا: إنا ثم نرسل إليك قالوا: نفتح له باب الجسر فيلحق بالمفارق والحادل أو يلحق بمكة فيعجبكم لي قريش فنخبرهم بأخباركم أجعلوه هي هنا قريبا حيث ينظرون إليه. قال: فاعتزل بالجلحاء من البصرة على فرسخين واعتزل معه زهاء ستة آلاف من بني تميم.
وقال الفاضل المعاصر جميل إبراهيم حبيب البغدادي في " سيرة الزبير بن العوام " (ص ١٦٩ ط الدار العربية للموسوعات):
عن ابن خاقان قال: قال لي الأحنف بن قيس: لقيت الزبير، فقلت له: ما تأمرني به وترضاه لي؟ قال: آمرك بعلي بن أبي طالب، قلت: أتأمرني به وترضاه لي؟ قال نعم.. أخرجه الحضري.
وقال العلامة الإسكافي في " المعيار والموازنة " ص 112 ط بيروت:
وبعث بعمار إلى طلحة والزبير وهما في ناحية من المسجد، فقاما فجلسنا إليه، فقال لهما: أنشدكما الله: هل جئتماني تبايعاني طائعين، ودعوتماني إليها وأنا كاره؟ قالا:
اللهم نعم، قال: غير مجبورين ولا مقسورين فأسلمتما لي بيعتكما، وأعطيتماني عهدكما؟ قالا: اللهم نعم، فقال علي: الحمد لله رب العالمين على ذلك.
ثم قال لهما: فما عدا مما بدا؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على أن لا تقطع الأمر دوننا وأن تستشيرنا في الأمور، ولا تستبد بها عنا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت! فأنت تقسم القسوم، وتقطع الأمور، وتمضي الأحكام بغير مشاورتنا، ولا رأينا ولا علمنا.
فقال علي رحمه الله: لقد نقمتما يسيرا، وأرجئتما كثيرا، أستغفر الله لي ولكم.
ثم قال [لهما]: ألا تخبراني أفي شئ لكما فيه حق دفعتكما عنه؟ أم في قسم استأثر [ت] به عليكما؟ قالا: معاذ الله، قال: ففي حق رفعه إلى أحد من المسلمين ضعفت عنه أو جهلته، أو حكم أخطأت فيه؟ قالا: اللهم لا.
قال: ففي أمر دعوتماني إليه من أمر عامة المسلمين فقصرت عنه وخالفتكما فيه؟
قالا: اللهم لا.
قال: فما الذي كرهتما من أمري، ونقمتما من تأميري، ورأيتما من خلافي؟ قالا:
خلافك عمر بن الخطاب وأئمتنا وحقنا في الفئ جعلت حقنا في الإسلام كحق غيرنا، وسويت بيننا وبين من أفاء الله به علينا بسيوفنا ورماحنا وأوجفنا عليه بخيلنا وظهرت عليه دعوتنا، وأخذناه قسرا (ممن) لم يأتوا الإسلام إلا كرها.
فقال علي رحمة الله عليه: الله أكبر الله أكبر اللهم إني أشهد عليهما، وأشهد من حضر مجلسي هذا اليوم عليهما.
ثم قال: أما ما احتججتما به علي من أمر الاستشارة فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة، ولا لي فيها محبة ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، وأنا كاره فخفت أن تختلفوا وإن أردكم عن جماعتكم، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا وأمر بالحكم فيه وما قسم واستن النبي عليه السلام فأمضيته واتبعته، فلم أحتج إلى رأيكما ولا دخولكما معي، ولا غيركما، ولم يقع حق جهلته فأثق برأيكما فيه وأستشيركما وإخواني من المسلمين، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ولا عن غيركما إذا كان أمر ليس في كتاب الله بيانه وبرهانه، ولم يكن فيه سنة من نبينا عليه السلام ولم يمض فيه أحكام من إخواننا ممن يقتدى برأيه ويرضى بحكمه.
وأما ما ذكرتما من الأسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه ولم أقسمه، قد وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما قد فرغ الله من قسمته وأمضى فيه حكمه.
وأما قولكم جعلت لهم فيئنا وما أفاءت رماحنا وسيوفنا فقدما ما سبق إلى الإسلام قوم لم يضرهم في شئ من الأحكام إذا استؤثر عليهم، ولم يضرهم حين استجابوا لربهم والله موفيهم يوم القيامة أعمالهم، ألا وأنا مجرون عليهم أقسامهم فليس لكما والله عندي ولا لغيركما في هذا عتبا. أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق وألهمنا وإياكم الصبر.
ثم قال: رحم الله رجلا رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا فرده، وكان عونا للحق على صاحبه.