ومما روي في ذلك ما رواه القوم:
منهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد في (مقتل الحسين) (ص 153 ط الغري) قال:
قال الحسن البصري كان الحسين بن علي سيدا زاهدا ورعا صالحا ناصحا حسن الخلق، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه، وكان في ذلك البستان غلام له اسمه صاف، فلما قرب من البستان رأى الغلام قاعدا يأكل خبزا، فنظر الحسين إليه وجلس عند نخلة مستترا لا يراه، فكان يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب، ويأكل نصفه الآخر، فتعجب الحسين من فعل الغلام فلما فرغ من أكله قال الحمد لله رب العالمين اللهم اغفر لي، واغفر لسيدي وبارك له كما باركت على أبويه برحمتك يا أرحم الراحمين فقام الحسين وقال: يا صافي، فقام الغلام فزعا وقال: يا سيدي وسيد المؤمنين إني ما رأيتك فاعف عني، فقال الحسين: اجعلني في حل يا صافي لأني دخلت بستانك بغير إذنك، فقال الصافي، بفضلك يا سيدي وكرمك وسؤددك تقول هذا، فقال الحسين:
رأيتك ترمي بنصف الرغيف للكلب وتأكل النصف الآخر فما معنى ذلك، فقال الغلام:
إن هذا الكلب ينظر إلي حين آكل، فأستحي منه يا سيدي لنظره إلي وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء فأنا عبدك، وهذا كلبك فأكلنا رزقك معا، فبكى الحسين وقال: أنت عتيق لله وقد وهبت لك ألفي دينار بطيبة من قلبي فقال الغلام: إن أعتقتني فأنا أريد القيام ببستانك، فقال الحسين: إن الرجل إذا تكلم بكلام فينبغي أن يصدقه بالفعل فأنا قد قلت دخلت بستانك بغير إذنك، فصدقت قولي، ووهبت البستان