عطاء تلميذ الحسن البصري.
فإنه كان يوما حاضرا عند أستاذه، فطرحت مسألة حول حكم مرتكب الكبيرة (وهذه المسألة هي محل نزاع بين الخوارج والمرجئة، فالخوارج يذهبون إلى أن مرتكب الكبيرة كافر، بينما ترى المرجئة أنه يضر بالإيمان؛ لأن الإيمان أمر قلبي، ولا يخدشه العمل الفاسد).
ولما أجاب الحسن البصري عن هذا السؤال، قال واصل بن عطاء: إني أعتقد أن أهل الكبائر فساقا وليسوا كفارا، قال ذلك وخرج وترك الحاضرين واعتزلهم، وأخذ يبلغ معتقده، ولحق به تلميذه وصهره على أخته عمرو بن عبيد.
وهنا قال الحسن: اعتزل عنا، أو اعتزلا قول الأمة، فسموا المعتزلة (1).
وبذلك أسس واصل بن عطاء مذهب الاعتزال.
والمعتزلة تبدو أكثر تحمسا في مجال فهم الإسلام وتبليغه والدفاع عنه في مقابل الدهريين واليهود والنصارى والمجوس والصابئة والمانوية وغيرهم.
نشأة الأشاعرة:
لما صار المذهب العام للمسلمين مهددا من جانب الظاهرية الذين جاؤوا تحت قناع أهل السنة والحديث، وصار يضعف شيئا فشيئا، وآل إلى الانقراض. على الخصوص حينما برز أبو الحسن الأشعري المتوفى عام 330 ه بعدما درس الاعتزال عند القاضي عبد الجبار المعتزلي وبلغ مرتبة الرأي، رجع إلى مذهب أهل السنة، فجعل له قوائم استدلالية، وألف رسالة تحت عنوان " استحسان الخوض في علم الكلام " (2).
وبذلك انقسم أهل الحديث إلى قسمين: الأشاعرة، والحنابلة.
والأشاعرة هم أتباع أبي الحسن الأشعري، ذهبوا إلى جواز الكلام والبحث العقلي (3).
والحنابلة هم أتباع أحمد بن حنبل، يذهبون إلى حرمة الكلام والمنطق.