وبذلك لا يصح ادعاء شروع هذا العلم من أواسط القرن الثاني الهجري، الذي تولدت فيه بعض المسائل الكلامية، كبحث الجبر والتفويض، وبحث العدل، على يد بعض طلاب الحسن البصري من مؤسسي المعتزلة، كواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد العابد.
كيف! وقد سبقهم في هذا العلم عيسى بن الروضة التابعي مولى بني هاشم حاجب أبي جعفر المنصور، فهو أول من صنف في علم الكلام، وله كتاب في الإمامة (1) وكان وحيد عصره في علم الكلام، وهو الذي فتق بابه وكشف نقابه، وقد ذكره أحمد بن أبي طاهر في كتابه تاريخ بغداد ووصف كتابه، وذكر أنه رأى الكتاب كما حكى ذلك النجاشي في كتابه (2). وعلى أي حال فهو مقدم على عمرو ابن عبيد وعلى واصل بن عطاء.
وكذا قد سبقهما أبو هاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب.
قال ابن قتيبة في كتاب المعارف: وأما أبو هاشم فكان عظيم القدر، وكانت الشيعة تتولاه، فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ودفع إليه كتبه (3) وأبو هاشم إمام علم الكلام بالاتفاق.
كما وإن أول من ناظر في التشيع المولى الأعظم صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبو ذر الغفاري، وهو أحد الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر التقدم على علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وله معه خصومة واحتجاجات ومناظرات في أصول الدين كثيرة مات سنة 32 ه.
كما وإن أول من صنف في علم أصول العقائد علي بن إسماعيل بن ميثم التمار (4) وميثم من أجلة أصحاب علي أمير المؤمنين (عليه السلام).
المبادئ العقلية والنقلية:
إن علم الكلام علم قياسي واستدلالي، وإن كانت مقدمات الاستدلال فيه عقلية