____________________
والثواب والذم والعقاب إنما تنشأ من كمال الفعل ونقصه في نظر الشرع والعقل، ومن ملاءمته ومنافرته لغرضهما، ولا شبهة في ثبوت التلازم بين جميعها فإنه لو قال قائل: إن العمل الكذائي مثلا على تقدير ملائمته الواقعية للفطرة العقلائية، وتقدير موافقته لغرض الشارع، وتقدير ثبوت المصلحة الحقيقية فيه لا مدح له من العقل، ولا ثواب عليه من الشرع.
أو قال في عكس ذلك: إنه لا ذم ولا عقاب على ما ثبت فيه المفسدة الواقعية وكان مخالفا لغرض الشارع، لاستنكر العقل والعقلاء ذلك أشد استنكار، بل ربما ينسبون القائل بذلك إلى السفه والجنون، وذلك لما اختمر في فطرتهم من أن الكل من واد واحد، وأن تغيير الألفاظ وتعدد العبارات لا يوجب تعدد الواحد الحقيقي في الواقع، ولا انفصال المتلازمين.
وبذلك يتضح أن ما تكلفه الرجل لترميم فاسد شيخه، أو رتق ما فتقه إمام مذهبه لا يفيد لرفع الوصمة والعار عنه، ولا يندفع به المحذور، ولا يصلح به المحظور.
فهل يصلح الأذناب ما أفسد الشيخ * وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر (1) وهيهات من ذلك ثم هيهات، هذا مع أن ذلك تأويل لا يرضى به صاحب النغمة، فإن كلامه وكلام قدماء أصحابه كابن الحاجب وأضرابه خال عن التقسيم المذكور، وليس في شيء من عباراتهم شائبة منه، وإنما هو شيء أحدثه العضدي الآلچي في كتاب المواقف، ثم ناقش هو بنفسه في ذلك فراجع (2).
وقد تحصل من كل ما ذكر أن الحسن أو القبح في نفس الفعل بما هو هو مع قطع النظر عن الفاعل أمر ثابت واقعي فيه، منجعل في ذاته غير مجعول من العقل أو الشرع، ولا حادث بحدوث حكمهما بالمدح أو الذم أو الثواب أو العقاب، وأنه متقدم رتبة على حكمهما، ومستتبع لهما، وفاقا للكتاب والسنة وإجماع العقلاء،
أو قال في عكس ذلك: إنه لا ذم ولا عقاب على ما ثبت فيه المفسدة الواقعية وكان مخالفا لغرض الشارع، لاستنكر العقل والعقلاء ذلك أشد استنكار، بل ربما ينسبون القائل بذلك إلى السفه والجنون، وذلك لما اختمر في فطرتهم من أن الكل من واد واحد، وأن تغيير الألفاظ وتعدد العبارات لا يوجب تعدد الواحد الحقيقي في الواقع، ولا انفصال المتلازمين.
وبذلك يتضح أن ما تكلفه الرجل لترميم فاسد شيخه، أو رتق ما فتقه إمام مذهبه لا يفيد لرفع الوصمة والعار عنه، ولا يندفع به المحذور، ولا يصلح به المحظور.
فهل يصلح الأذناب ما أفسد الشيخ * وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر (1) وهيهات من ذلك ثم هيهات، هذا مع أن ذلك تأويل لا يرضى به صاحب النغمة، فإن كلامه وكلام قدماء أصحابه كابن الحاجب وأضرابه خال عن التقسيم المذكور، وليس في شيء من عباراتهم شائبة منه، وإنما هو شيء أحدثه العضدي الآلچي في كتاب المواقف، ثم ناقش هو بنفسه في ذلك فراجع (2).
وقد تحصل من كل ما ذكر أن الحسن أو القبح في نفس الفعل بما هو هو مع قطع النظر عن الفاعل أمر ثابت واقعي فيه، منجعل في ذاته غير مجعول من العقل أو الشرع، ولا حادث بحدوث حكمهما بالمدح أو الذم أو الثواب أو العقاب، وأنه متقدم رتبة على حكمهما، ومستتبع لهما، وفاقا للكتاب والسنة وإجماع العقلاء،