وكيف كان فقد اتضح اتضاح الشمس في رابعة النهار أنه لا يصدق (من عنده علم الكتاب) على من أسلم من علماء أهل الكتاب، فلم يبق إلا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، من نزولها في شأن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وجريانها في الأئمة من بعده من ذريته، فإنهم المعصومون المطهرون (1) العالمون بالكتاب كله، ظاهره وباطنه، تأويله وتنزيله، محكمه ومتشابهه، ناسخه ومنسوخه.
وأما توهم أن المراد به الله تعالى والعطف تفسيري - كما نسب إلى بعض - (2) ففي غاية البرودة والسخافة، بل لم يعهد العطف التفسيري مع الفصل بين المتعاطفين، كما في المقام ولو كان الأمر كذلك لوجب تأخير (شهيدا بيني وبينكم) عنه.
وما حكي عن الزجاج من أنه يدل عليه قراءة: ومن عنده بكسر الميم والدال (3)، غلط، لأن الآية على هذه القراءة - على فرض صحتها - إنما تدل على أن علم الكتاب إنما يكون موهبة من قبله تعالى شأنه لمن وهبه، فلا ينافي ما دلت عليه الروايات من أن الموهوب له هو مولانا أمير المؤمنين، والأئمة المعصومون من ذريته، بل يوافقه ويلائمه.
نعم لو قرأ: (وعنده علم الكتاب) بإسقاط (من) رأسا، لكان لما ذكره وجه في الجملة.
فإن قلت: المنكر للأصل وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم منكر للفرع وهو الوصي