من وفى بها أدى حق الرسالة وأجرها، ومن لم يف بها ظلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعليه لعنة الله ولا يكون شخص أحب وأفضل عنده تعالى إلا لأجل أنه أشد إطاعة، وأقوم إيمانا بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هذا شأنه يستحق الإمامة والخلافة عنه تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يجوز لأحد التقدم عليه، ومن أجاز أن يكون الناقص مرجعا وملاذا وإماما للكامل فقد خالف حكم الفطرة.
فإن قلت: لو كان الأمر كما ذكرت من دلالة الآية على أن أقارب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أحب وأفضل عنده تعالى شأنه من جميع الأمة، للزم أن لا يكون من أقاربه من يعصي الله تعالى طرفة عين، مع أن ظلم خلفاء بني العباس، وعتوهم وتمردهم عن الحق مشاهد مخصوص.
قلت: الآية الكريمة لا تدل على أنه جعلت مودة جميع أقارب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أجرا للرسالة، إذ القربى مفرد محلي باللام، والمفرد المحلي لا يفيد العموم، بل العدول عن إضافة المودة إليه، وجعله مدخولا لكلمة " في " متعلقة بالمودة يصرف الحكم عن العموم لو فرض أنه يقتضيه، فالآية الكريمة إنما تدل على أن المودة التي هي أجر الرسالة إنما هي في القربى، دون الأجنبي.
ولغاية وضوح عدم دلالة الآية على العموم، بل دلالتها على الخصوص سألوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الذين وجبت مودتهم من القربى، وقالوا:
يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: علي وفاطمة وابناهما.
وقد ورد هذا السؤال والجواب في عدة من روايات العامة، وفي جملة من رواياتنا، بل في بعض رواياتنا التصريح بعدم العموم.