الأول: أقيلوني ولست بخيركم وعلي فيكم (١) ثانيا: إذ لو كان الخبر صدقا لم يكن لاستقالته عن الخلافة بملاحظة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مجال، وصنع الخليفة الثاني في الشورى ثالثا، حيث أدخل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في الشورى، وجعله من الستة الذين يصلحون للخلافة، وأن الخلافة كالنبوة من الشؤون الدينية لا الدنيوية رابعا، ضرورة أن نصب الخليفة كبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو لهداية الأمة، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، لا لمجرد السلطنة والرئاسة.
وبعد ما تبين لك أن المراد من أولي الأمر في الآية الكريمة من كانت له الولاية المطلقة كولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة السياق، وإطلاق الكلام، تبين لك أن تفسيره بسلاطين الإسلام، أو القضاة المنصوبة من قبلهم، أو أمراء الجيش، وهكذا، من الخرافات التي نسجها المفسرون بالرأي غلط بين.
وأما تفسيره بالعلماء، كما عن بعضهم مستدلا عليه بقوله تعالى:
﴿ولو ردوه إلى أولي الأمر لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ (2) فهو حق إن أريد بهم أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين قرنهم بالكتاب وتركهما في أمته وأمر بالتمسك بهما كما ورد عنهم عليهم السلام: نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون، (3) وإن أريد به مطلق العلماء فهو باطل أيضا، لاختصاص الولاية المطلقة بأهل بيت النبوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم ورثة الكتاب.
وبما بيناه تبين أنه لا يعقل تأثير بيعة الرعية مع واحد منهم في صيرورته ولي الأمر مفترضا طاعته عليهم، لأن رقبة الرعية مشدودة بحبل الإمامة