في أمته وأمر بالتمسك بهما، وقال: " ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " فهم أهل القرآن العالمون به، الذين لا يفارقون القرآن، ولا يفارقهم، فتفسير الذكر في أكثر الروايات بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا ينافي مع تفسيره في بعضها بالقرآن، لرجوع التفسيرين إلى معنى واحد.
وبما بيناه تبين أن تفسير أهل الذكر بمطلق العلماء - كما قد يتوهم - في غير محله.
وأما تفسيره بعلماء اليهود والنصارى، كما توهموه فبطلانه في غاية الوضوح والظهور، إذ لو أريد من الذكر مطلق الكتب السماوية لم يشملهم أهل الذكر لأن إضافة الأهل إلى الذكر إنما تصح مع العلم به، والموافقة والمتابعة له. وأما مع العلم به والمخالفة له، فلا يصدق على العالم به كذلك أهل الذكر قطعا، وعلماء اليهود والنصارى خالفوا الذكر، وإلا أسلموا، بل لو شملهم أهل الذكر لم يشملهم الأمر بالسؤال، ضرورة أن الأمر بالسؤال إنما هو بالنسبة إلى المأمونين منهم، وعلماء اليهود والنصارى خالفوا الذكر، فكيف يأمر الله عز وجل بالسؤال عنهم؟
إذا اتضح لك ذلك فاعلم أن الآية الكريمة تدل على اختصاص الخلافة والإمامة بهم، دون غيرهم من الأمة، لأن التعبير عنهم بأهل الذكر، وأمره تعالى شأنه سائر الأمة بسؤال ما لا يعلمون عنهم، يدل على أنهم الهداة الذين نصبهم وجعلهم مرجعا للأمة في أخذ العلم واقتباسه منهم، ومن هذا شأنه يكون خليفة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإماما للأمة لا محالة، لأن الخلافة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في شأن رسالته المستتبعة لافتراض الطاعة، ووجوب البيعة معه إنما هو بقيام هداية الأمة به، ودلالتهم إلى الحق، وإرشادهم إلى الصواب، وإخراجهم من ظلمات الجهل إلى نور اليقين، ومن لم يجعله الله تعالى