الانتزاع الاستخلاف عنه تعالى شأنه، وقد يكون المنشأ أسباب أخر.
إذا اتضحت لك هذه الأمور فقد اتضح لك أنه لا تحديد في وجوب إطاعته تعالى شأنه، ولا في وجوب إطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم مطلقة غير محدودة.
بيان ذلك: أنه لو قال تعالى شأنه: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا أولي الأمر منكم، ولم يقيده بقيد لكان ظاهرا في الاطلاق والعموم، كما هو ظاهر، ولكنه تعالى شأنه صدر الكلام بإطاعة نفسه، وإطاعة رسوله المطلقتين بالضرورة، وعطف عليه أولي الأمر من غير تقييد تأكيدا لإفادة الاطلاق، وتصريحا به، وهذا معنى قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام روحي فداه، الذين قرنهم الله تعالى بنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم وحيث إن هذه المرتبة من الولاية التامة لا يعقل ثبوتها لأحد من الخلق إلا أن يكون قرينا لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في العلم بما في الكتاب كله، والعصمة والطهارة، تعين أنها ليست إلا لمن أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنهم، بأنهم المتصفين بهما، ولذا قال صلى الله عليه وآله وسلم بعد طلب السائل الايضاح: الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر خطبته إلى آخر كلامه صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم اعلم أنه ليس معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر خطبته أنه لم يقل ذلك إلا في آخر خطبته، لوضوح أنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبر به تكرارا في مواضع متعددة، ومواطن كثيرة، يوم الغدير وغيره من المواضع، كما يشهد به روايات الفريقين، بل معناه أن ذكره صلى الله عليه وآله وسلم في آخر خطبته تأكيدا لما بينه من قبل، دفعا لتوهم من يتوهم أنه صلى الله عليه وآله وسلم عدل عنهم إلى غيرهم.
وما نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أنه قال، بعد ذلك: " إنا أهل بيت اصطفانا الله تعالى، واختار لنا الآخرة على الدنيا، فإن الله لم يكن ليجمع لنا - أهل البيت - النبوة والخلافة) تكذبه الرواية الشريفة أولا، وقول الخليفة