وفي رواية أبي سعيد الخدري أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أيها الناس إني تركت فيكم حبلين إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض). (1) وقد ذكر في غاية المرام من الروايات الواردة في هذا الباب من طريقنا اثنين وثمانين، ومن طريقهم تسعة وثلاثين، وذكر الروايات مفصلة. (2) أقول: ولا يضر الاختلاف اليسير بينها في بعض الألفاظ لتطابقها في المعنى.
واعلم أن حديث العترة المتواتر، الذي لا ريب في صحته من الطريقين يدل على أن العترة الهادية أفضل الناس وخيرهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واحتياج جميع الناس إليهم، واستغنائهم عن جميعهم، وعصمتهم وعلمهم بالكتاب كله، وخلافتهم عن الله ورسوله، وانحصار الإمامة فيهم، والاهتداء بالتمسك بذيلهم، وعدم خلو الأرض منهم إلى يوم القيامة.
أما الأول: فيعلم من جعل كل من الكتاب والعترة قرينا للآخر وعديلا له غير مفترق عن صاحبه، ومتمسكا لهم جميعا، وجعل التمسك بهم رافعا للضلالة، إذ لو كان فيهم من كان مقدما على العترة أو مساويا لهم في الفضيلة لما جعلهم متمسكين والعترة متمسكا بهم، بل لو كان فيهم من استحق التقدم عليهم لوجب أن يجعل العترة متمسكين به.
وأما الثاني: فيعلم من عدم افتراق الكتاب عن العترة، وعدم افتراقهم عنه، فإن الأول يدل على احتياج جميع الأمة إلى العترة، والثاني على