مثله، مع شيوع الفصاحة والبلاغة في عصره وحذاقتهم فيهما، ومن الواضح البين أنه يقبح إظهار المعجزة على يد الكاذب، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وأما شهادة (من عنده علم الكتاب) فهي قولية وفعلية أما القولية فبالإقرار له باللسان، وأما الفعلية فبمتابعته له والائتمار بأمره والانتهاء بنهيه صلى الله عليه وآله وسلم.
لا يقال الشهيد من الشهود بمعنى الحضور حسا أو علما واطلاعا، وهيئة الفاعل أو الفعيل لإفادة التلبس بالمبدأ، وهو إنما يتحقق باتصاف الشخص به بنبوته له. وأما إظهار الشهود المنطبق على أداء الشهادة فإنما يجئ من قبل الإخبار به، كقولك: أنا أشهد بكذا، أو شاهد به، وليس في المقام إخبار صريح عن شهادته تعالى أولا، ولا يوجب الإخبار عن شهادته تعالى برسالته إظهار المعجزات على يده، ثانيا.
لأنا نقول: أمره تعالى شأنه بالاحتجاج على منكري رسالته بالاكتفاء بشهادته تعالى، وشهادة (من عنده علم الكتاب) إخبار عنها بالضرورة، ولو لم يقترن إخباره تعالى بشهادته برسالته بإظهار المعجزات على يده لم يكن حجة على منكري رسالته ولم يتم الاحتجاج به، ضرورة أن مجرد قول المدعي بأن الله تعالى يعلم ويشهد بصدق ادعائي من دون ظهور أثر تصديقه تعالى له في الخارج لا يكون حجة على المنكر، فكيف يكتفي الله تعالى شأنه بالإخبار المجرد حجة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم على منكر الرسالة، حيث قال عز وجل (ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب). (1)