انحصارها فيه فلا، لجواز قيام علة أخرى مقامها.
قلت: المرجعية إنما تتبع العلم والأمانة، وعدم تطرق قيام صفة أخرى مقامهما في استحقاق المرجعية من البديهيات الأولية.
فإن قلت: نعم المرجعية تابعة للعلم والأمانة فلا يعقل إمامة من لا علم له في الدين ولا أمانة له رأسا، وأما تبعيتها لعلم الكتاب كله، والعصمة الصائنة عن الخطأ - عمدا وسهوا - فلا، بل يجوز تقدم من له علم بالدين وأمانة في الجملة على من كان معصوما عالما بالكتاب كله لمصلحة اقتضتها، والمقدمون على علي أمير المؤمنين في الإمامة لهم أمانة وعلم بالدين في الجملة، ولذا قدمهم أهل الحل والعقد لمصلحة رأوها.
قلت: أولا: إنك قد عرفت استحقاق شخص لمرجعيته في أمر إنما هو طبق بصيرته وأمانته فيه، ولا يجوز تولية أمر إلى من لم يكن أمينا في بعض جهاته، أو لم يكن بصيرا فيه بتمامه، وتولية أمر إلى من كان ناقصا في بصيرته به أو أمانته فيه كتوليته إلى من لم يكن مأمونا بالمرة، أو جاهلا به كذلك ضرورة أن الناقص - بالنسبة إلى ما زاد على بصيرته أو أمانته فيه - جاهل أو غير مأمون فيه.
والإمامة: عبارة عن الخلافة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أمور الدين والدنيا، وافتراض طاعته على الأمة فيما أمر به أو نهي عنه، وهو أمر جليل متفرع على معرفته بأحكام الدين وأمانته فيه جميعا، والذين تولوا هذا الأمر قبل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لم يكونوا عالمين بأحكام الدين كله بالضرورة، لمراجعتهم في كثير من المسائل التي عجزوا عن حلها إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، كما هو مذكور في كتب الفريقين. وقد قال الخليفة الثاني غير مرة: " لولا علي لهلك عمر "، بل اشتهر أنه قاله في سبعين موطنا.