يدل على كمال فضيلته، وكذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم له: " لا تحزن إن الله معنا ". (1) قلت: مجرد الصحبة والاجتماع في مكان واحد، وتعبير أحد المتصاحبين عن الآخر بصاحبه، لا يدل على فضل ولا نقص، كما لا يدل التعبير بثاني اثنين ونحوه على فضل، فضلا عن كمال الفضيلة.
ألا ترى أن الله تعالى شأنه جعل الكافر صاحب المؤمن، والمؤمن صاحب الكافر، فقال عز وجل في سورة الكهف: " فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا " (2) وقال أيضا: " قال له صاحبه أكفرت بالذي خلقك من تراب " (3) وقال تعالى شأنه: " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا " (4) ولم يكن في التعبير المذكور فضيلة لأهل النجوى.
بل يمكن أن يقال: قوله تعالى: " فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها " (5) باعتبار إفراد الضمير يدل على أن اشتراكه مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو في المصاحبة، واجتماعهما في الغار، لا في نزول السكينة، مع أنها مما تعم المؤمنين.
لا يقال: يحتمل رجوع الضمير إلى أبي بكر، لأنه كان محزونا محتاجا إلى السكينة.