وهو: نزول السورة في مكة، وتوهم أن السورة كلها مكية إلا هذه الآية، لنزولها في عبد الله بن سلام استنباط من القائل، لا أنه ظفر برواية وخبر، ونسبته في المجمع إلى ابن عباس، كنسبة تفسير (من عنده علم الكتاب) بابن سلام إليه أيضا خطأ، لما سيأتي من أن ابن عباس ممن يصر على أن الآية إنما نزلت في شأن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ولا تنطبق إلا عليه.
وبالجملة العقل يستقل بقبح الاحتجاج بما لا حجية له، فكيف يحتج تعالى شأنه في كتابه المجيد بما لا يكون حجة، ويجعلها حجة كافية قاطعة للخصومة.
وأما الثاني (1) فالظاهر أن لام الكتاب للعهد، فينصرف إلى القرآن الذي فيه تبيان كل شئ، أو اللوح المحفوظ المكتوب فيه كل شئ، دون سائر الكتب المنزلة من التوراة والإنجيل والزبور وهكذا ويحتمل أن يكون اللام للجنس فيعم جميع الكتب السماوية، إذ لا مجال لإرادة كتاب منه لا بعينه في المقام، فيتحد الوجهان في المعنى.
وأما الثالث وهي كيفية الشهادة فمختلفة.
أما شهادته تعالى فهي فعلية، إذ من الواضح أن الله تعالى لم يتكلم مع الناس بإيجاد صوت في شجرة ونحوها كما تكلم مع كليمه عليه السلام، لعدم قابلية طبقات الناس لهذا المقام الجليل، فالمراد من شهادته تعالى برسالة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إظهار المعجزات على يده تصديقا لدعواه، ومن جملتها بل أعظمها إنزال القرآن المجيد عليه، البالغ في الفصاحة والبلاغة كمالهما، بحيث تحدى به العرب، وعجزت الفصحاء والبلغاء على إتيان سورة من