على أن في الأمة من يدعي حقهم، ويستولي على مقامهم، وإلا لم يجعل منه مجملا ومتشابها، ضرورة أن الرمز والتشابه إنما هو لإخفاء الأمر على المدعى المعارض.
وقد ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أن الله تعالى قسم كتابه إلى محكم، ومجمل، ومتشابه، حتى يتميز خليفته عمن استولى على الأمر (1).
3 - ومنها: قصص أوصياء الأنبياء في الكتاب المجيد، فإن بيان حالاتهم، وصفاتهم، وعلومهم إرشاد إلى معرفة أوصياء خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم أجمعين، فمن تدبر في قصة آصف بن برخيا وزير سليمان بن داود عليه السلام الذي قال تعالى شأنه في حقه: " وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " (2) علم أن سؤال سليمان ليس لعجز منه في إحضار عرش بلقيس، كما أحضره آصف وإلا لزم أن يكون الوصي أفضل من الأصل، وهو محال، فغرضه عليه السلام ظهور هذا من وصيه، حتى يقر الناس بفضله، ويعلموا أنه يستحق الوصاية، فإذا كان وصي سليمان بهذه المنزلة، مع أن سليمان ليس من أولي العزم من الأنبياء، بل من أتباع موسى بن عمران عليه السلام وعامل بشريعته، فلا محالة يكون وصي موسى أفضل من وصي سليمان، وحيث إن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من جميع الأنبياء، يكون وصيه أفضل من جميع أوصياء الأنبياء، فيستحيل أن يكون خليفة سليمان ووصيه عالما بعلم من الكتاب " به يقدر على إتيان عرش بلقيس، قبل ارتداد الطرف، ووصي خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم لا يعرف شيئا من بواطن الكتاب. فلا محالة يكون