الإلهية التي لا يتطرق فيه اختيار الناس.
والثالث: أنه تلو النبوة، لأن تأثير أحدهما في التأسيس والآخر في الابقاء، فكلاهما من أصول الدين، ويجب على الناس معرفة الهادي والاعتراف بمقامه، واتباعه، كما يجب عليهم معرفة المنذر، والإقرار برسالته وإطاعته.
وإذا اتضح لك: أن هذا المنصب من المناصب الرفيعة الإلهية اتضح لك أن معرفة صاحبه لا تكون إلا بتوسط المنذر صلى الله عليه وآله وسلم، ولا سبيل للناس إلى معرفته إلا من قبله عليه السلام فوجب عليه صلى الله عليه وآله وسلم تعريفه لهم، ولم يعرف في الروايات الواردة من الجانبين إلا مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، فدل ذلك على أنه المعني بالهادي قطعا، مع أن حديث الثقلين المتفق عليه عند الفريقين، " ومثل أهل بيتي مثل سفينة نوح " يدلان على أن الهادي إنما هو من أهل البيت، ولم يخرج منهم.
ثم إن تنكير " هاد " متأخرا عن قوله تعالى " ولكل قوم " يدل على تعدد الهادي، وأنه لكل قوم هاد بعد هاد، كما نبه عليه مولانا الباقر عليه السلام بقوله: ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ودلالة اللفظ على التعدد في مثل هذا التركيب واضحة، ألا ترى أنه لا يصدق قولك:
لكل قوم عالم، ولكل شخص من هؤلاء دينار، إلا مع تعدد العالم والدينار، ولا ينافي ذلك ما في كثير من الروايات من تفسيره بمولانا أمير المؤمنين عليه السلام ونزول الآية في شأنه، لأنه من جهة أنه عليه السلام أول المصاديق