توضيحه: إن العلم بظهر الكتاب وبطنه - ولو ببعض منه - لا يحصل بالاكتساب، وإنما هي موهبة جليلة، لا يليق بها إلا من اجتمعت فيه الصفات الحميدة، والفضائل الكريمة، ومنها: العصمة، والطهارة، وإنما يؤتيه الله تعالى من يشاء حسب مراتب استعداده، ولذا اختلف نصيب الأنبياء منه، فمنهم: من أوتي حرفا واحدا، ومنهم من أوتي حرفين أو ثلاثة أو أزيد، ولم يؤت الجميع أحدا من الأنبياء والأوصياء سلام الله عليهم إلا نبينا وأوصياؤه صلى الله عليه وعليهم، ولم يكن منع الجميع منهم من بخل في المبدأ الفياض، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وإنما كان عدم إعطائه الجميع من جهة عدم استعدادهم له. فإعطاؤه عز وجل الجميع نبينا وأوصيائه صلى الله عليه وعليهم يدل على ارتقائهم درجات الكمال، منتهاها وتمامها، بحيث لا يتصور فوقها درجة ومرتبة، ومنها العصمة والطهارة.
ومن مناقبه عليه السلام أنه أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة، ونفس الرسول كما نطقت به آية المباهلة.
ومنها كونه عليه السلام هاديا، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم منذر.
ومنها الولاية والإمامة، وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، كما أن الرسول أولى بهم من أنفسهم.
فإن جميع هذه المناصب الجليلة متفرعة على ما تضمنته الآية الكريمة.
أما الإخوة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكونه بمنزلة نفسه الشريفة فإنما يليق بهما من كان في مرتبته من العلم والعصمة، وسائر صفات الكمالات وقد ظهر مما بيناه أن التعبير ب (من عنده علم الكتاب) دال على استجماع جميع الكمالات فيه نصا والتزاما.
وأما الهداية فإنها متقومة بأمرين: العلم والعصمة، لأن الاخلال