بالهداية إما من الجهل، أو من الخالفة عمدا أو سهوا، ومع العلم والعصمة لا يتطرق إليه الاخلال بها، فيكون هاديا لا محالة، فتفرعها على ما تضمنته الآية الكريمة أوضح وأظهر.
وهكذا الأمر في الولاية والإمامة.
توضيح الحال: إن استحقاق شخص لمرجعية أمر ديني أو دنيوي يتوقف على علمه وبصيرته به، وأمانته فيه، إذ مع عدم العلم والبصيرة لا يمكنه القيام به، كما أنه مع عدم أمانته فيه لا يؤمن من إفساده وتضييعه، فاستحقاق المرجعية إنما يكون على قدر البصيرة والأمانة، فمن كانت له بصيرة ناقصة وأمانة ضعيفة لا يجوز أن يولى ما هو فوق بصيرته وأمانته.
فاستحقاق الولاية التامة، والإمامة الكبرى، والرئاسة العامة في أمور الدين والدنيا إنما هو بالعلم بجميع النواميس الإلهية، والعصمة الصائنة عن السهو والخطأ والعمد.
وقد اتضح لك بما بيناه ثبوتهما في (من عنده علم الكتاب) على الوجه الأتم، فالعدول عنه إلى من لم يكن كذلك مخالف للفطرة، وبداهة حكم العقل، قال عز من قائل: ﴿أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون﴾ (1) فظهر بما بيناه أن الصلة في (من عنده علم الكتاب) تدل على إمامة من اتصف بها وخلافته عن الله والرسول صلى الله عليه وآله وسلم وولايته التامة، بل انحصارها فيه، واختصاصه بها دلالة لمية - أي دلالة العلة على معلولها - كما أن دلالتها على عصمته وطهارته من قبيل الدلالة الآنية - أي دلالة المعلول على علته -.
فإن قلت: دلالتها على استحقاق من اتصف بها للإمامة مسلمة، وأما