للنجاة، وكان قرينا لكتابه المجيد، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقرن مع الكتاب إلا أهل بيته وصرح بأنهما لن يفترقا، أي لا يوجد علم الكتاب إلا عندهم، وجعل جميع الأمة متمسكين بهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا " وحصر النجاة في التمسك بهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " ومن تخلف عنها غرق ".
وشعر حسان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم معروف مشهور.
إنما أنت منذر لعباد * وعلي لكل قوم هاد واعلم أن الآية الكريمة تدل على احتياج الأمة إلى الهادي، الذي جعله الله تعالى هاديا لهم، لأنه تعالى حصر وصف نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الانذار.
ومن الواضح أن الدين والإسلام لا يكمل بالإنذار فقط، لأن الانذار إنما يوجب تأسيس الأساس، ومجرد التأسيس لا يوجب البقاء، لأنه معرض للزوال والنقصان، فلا بد في إبقائه من وجود قيم وحافظ وهاد يهدي إليه في القرون الآتية، فقال عز من قائل بعد ذلك: (ولكل قوم هاد) يعني أني كما جعلتك نبيا منذرا، وأسست أساس الدين بك، أكملته وأحكمته، وأتممت نعمتي على الناس، بأن جعلت لكل قوم في القرون اللاحقة هاديا، به يهتدي المهتدون، وينفي عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. فدلت الآية الكريمة على أمور:
الأول: الاحتياج إلى هاد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إبقاء الدين، وصونه عن النقصان والزوال.
والثاني: أن منصب الهداية (1) كمنصب الانذار، إنما هو من المناصب