وأكملها.
ومنه تبين أن ما نقله الطبرسي رحمه الله عن بعض المفسرين بالرأي من تفسير هاد به تعالى (1) باطل جدا، مع أنه تعالى منذر وهاد بواسطة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه المعصومين، فإن أريد أنه هاد بواسطة فهو كذلك.
ولكن لا مجال للتفكيك حينئذ بين المنذر والهادي وإن أريد أنه هاد بلا واسطة فهو غلط، لأنه تعالى أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها، ولو هدى الله تعالى بلا واسطة لأنذر أيضا بلا واسطة.
وبالجملة: دلالة اللفظ على التعدد في غاية الوضوح والظهور ولا ينبغي الارتياب فيه ومع ذلك أقول مزيدا للإيضاح:
إن الآية الكريمة دلت على احتياج الأمة إلى هاد بعد المنذر، وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو كان الهادي في قرن كافيا للأقوام الذين يأتون في القرون اللاحقة للزم عدم الحاجة إلى هاد بعده صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه كان عليه السلام هاديا في قرنه، وهو خلف، فعلم أن كل زمان وقرن لا بد له من هاد، ولا يتم ذلك إلا بأن يكون متعددا، والهداة بعد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ليسوا إلا العترة الطاهرين، الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم مع القرآن والقرآن معهم، وأنه لا يخلو الأرض منهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " لن يفترقا حتى يردا على الحوض ". (2) وإذا تبين لك هذا المعنى تبين لك أن الولاية والإمامة لا تكون إلا لمولانا أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، لأن الإمامة تدور مدار الهداية، ضرورة أنه لا يعقل أن يكون الهادي مأموما لمن لا يهتدى إلا به.