بالضرورة، فلا تكون شهادته قاطعة للخصومة بالنسبة إلى النبوة، ولا وقع لشهادته عند المنكر، فكيف يستشهد الله عز وجل بشهادته على ثبوت النبوة، ويحتج بها على منكري النبوة والرسالة، ويجعلها كافية.
قلت: إنما لا يجوز الاكتفاء بشهادة الفرع إذا كان القبول مستندا إلى مجرد الاقرار والاعتراف، مع قطع النظر عن ظهور مقامه ودرجته من كونه عالما بالكتاب، واقفا على كل شئ، قادرا على إظهار المعجزات وخوارق العادات الملازم للعصمة والصدق عقلا.
وأما إذا كان الاستشهاد به من حيث كونه كذلك كما في المقام، حيث لم يذكر الشاهد باسمه بل بوصفه، لينظر المنكر في شأنه، ويراجع إليه، ويظهر عنده ثبوت آثاره، فينكشف عنده ثبوت الوصف للشاهد وحقية المشهود به، فهو قاطع للخصومة، ومثبت للدعوى بالضرورة، وإن لم يعترف به المنكر عنادا.
وإذ قد اتضح لك مما بيناه أن (من عنده علم الكتاب) في الآية الكريمة لا يعقل أن ينطبق على عبد الله بن سلام ونظرائه: فقد اتضح لك أن تفسير من فسره بابن سلام، أو غيره ممن أسلم من علماء أهل الكتاب تفسير بالرأي، ناش عن الغفلة عن الخصوصيات التي تضمنتها الآية الكريمة.
وأما الرواية المسندة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل البيت في تفسيرها فمتفقة من طريقنا وطريق العامة على أنها نزلت في شأن مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يستند أحد منهم تفسيرها بابن سلام إلى رواية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل البيت عليهم السلام.
ثم إن نزولها في شأن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لا ينافي مع استعمال الموصول في المعنى العام المنطبق على الأئمة المعصومين من ذريته، لأن