والرابع: وجه كون الصدقة وسخا دون الخمس والفئ.
فأقول: أما الأول: وهو تقديم ما حقه التأخير، فقد يكون لإفادة الحصر، وقد يكون للاهتمام والعناية بشأنه، والمقام يحتمل كلا منهما، بل يحتملهما معا، إذ لا منافاة بينهما، كما أنه لا ينافي الحصر رجوع الخمس إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وذي القربى أيضا، لأن رجوعه إليهما إنما هو بالاستخلاف عنه تعالى شأنه، فرجوعه إليهما عين رجوعه إليه تعالى شأنه، وهذا معنى قول مولانا الرضا عليه السلام " وما كان لله فهو لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، وما كان لرسول الله [صلى الله عليه وآله] فهو للإمام عليه السلام " ومنه يتبين سر العطف على الخبر - بعد الاستكمال - فإنه تنبيه على أن الأصل في الحكم إنما هو المعطوف عليه، واشتراك المتعاطفات معه في الحكم إنما هو لوقوعها في طوله لا في عرضه.
وأما الثاني: فالتأكيد فيه من وجوه ستة:
أولا: تصدير الكلام بقوله عز من قائل (واعلموا) فإنه توجيه للمخاطبين إلى الاستماع والتصديق بما يذكره عز وجل، وهذه الكلمة أبلغ وأكمل من أدوات التنبيه، لاستحضار الطرف.
ثانيا: تصدير الاسم بكلمة " أن " المفيدة للتأكيد والتحقيق.
ثالثا: تصدير الجملة الخبرية بها أيضا.
رابعا: تعليق الحكم بإيمانهم بالله تعالى شأنه، بل بثباتهم على الإيمان به، حيث قال عز من قائل: (إن كنتم آمنتم بالله) ولم يقل إن آمنتم بالله.
خامسا: تعليقه بالإيمان بما أنزله من الآيات والملائكة والنصر يوم الفرقان، يوم بدر، يوم التقى الجمعان، أي ليلة البدر على ما في بعض الأخبار.