قلت: الإمامة الكبرى، والخلافة العظمى، وهي الرئاسة العامة في أمور الدين والدنيا من الشؤون العظيمة التي لا ينالها شأن النبوة وتتوقف على العصمة، وعلم الكتاب كله.
والعصمة من الأمور الخفية التي لا يطلع عليها إلا عالم السرائر، فكيف يجوز للحكيم تعالى شأنه أن يفوضها إلى اختيار الأمة الجاهلين بمواقعها وحدودها، وهل هذا إلا إهمال وإخلال بالحكمة!! تعالى الله عنه علوا كبيرا، مع أنه لم يدل دليل على التفويض، ولم يدعه الخصم، وإنما زعموا أنه لم ينص على أحد.
ثم إن الآية الكريمة كما تدل على أن الله تعالى نصب للأمة ولي الأمر بعد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم حيث أمر بطاعته وقرن طاعته بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، تدل على تعدده، وعدم انحصاره في فرد واحد، حيث عبر بصيغة الجمع.
ثم اعلم أن بعض المتجددين من أهل السنة أنكر دلالة الكتاب والسنة على وجود الخلافة العظمى، والإمامة الكبرى في دين الإسلام، فقال:
أما الكتاب فما يصلح منه أن يستدل به عليها قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ". (1) وأما السنة فما يصلح منها أن يستدل به عليها، فأخبار معدودة، مثل ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم " الأئمة من قريش "، (2) (ومن مات وليس في عنقه بيعة، فقد مات ميتة جاهلية " (3) وذكر أخبارا يقرب منهما، ثم ناقش في دلالة الآية والروايات - بعد تسليم صحة سندها - بوجهين: